فكرة الفرنشايز في العمل الإنساني

🌹فكرة الفرنشايز في العمل الإنساني

يُعد “الفرنشايز” (الامتياز التجاري) من أبرز النماذج التي ساهمت في نمو الشركات الربحية وتوسعها عالميًا .

يقوم هذا النموذج على تكرار تجربة ناجحة ضمن شروط محددة ، حيث يتم تفويض أطراف خارجية بتنفيذ الفكرة أو المشروع نفسه ضمن ضوابط ومعايير يضعها صاحب الامتياز (الفرنشايزور) .

ولكي يكون المشروع مؤهلًا لتطبيق نموذج الفرنشايز ، لا بد من توفر الشروط التالية :

١- وجود نموذج أولي ناجح تم اختباره على أرض الواقع .

٢- إعداد دليل تشغيلي (كاتالوج تطبيقي) يوضح تفاصيل العمل كافة .

٣- توفر برنامج تدريبي مخصص للجهات أو الأفراد الذين سيقومون بتطبيق النموذج .

٤- قابلية تكرار النموذج في بيئات جغرافية وثقافية مختلفة .

٥- وجود هامش ربح مشترك ( أو منفعة مشتركة ) بين الفرانشايزور والفرانشايزي (وهذا الشرط ليس ضروريًا في العمل غير الربحي) .

٦- توفر الموارد والتكنولوجيا المطلوبة لتطبيق النموذج في أماكن أخرى .

الميزة الأساسية لهذا النموذج هي الاعتماد على الغير في التمويل والتشغيل والإدارة ضمن معايير المالك الأصلي للفكرة . ومن أشهر الأمثلة في القطاع الربحي : “ماكدونالدز” و”برغر كينغ” وغيرهما .

هل يمكن تطبيق نموذج الفرنشايز على العمل الإنساني؟

الجواب : نعم، ممكن .

لكن لا يمكن تعميمه على جميع المبادرات غير الربحية ، بل ينجح في بعض الأفكار التي تتوفر فيها الشروط الأساسية المذكورة أعلاه . وفيما يلي بعض الأمثلة الواقعية أو القابلة للتطبيق في المجال الخيري والمجتمعي :

1. معاهد التدريب المجتمعي .

شهدت بلاد المهجر تطوير العديد من معاهد التدريب المجتمعي غير الربحية

بهدف تمكين الشباب والنساء في مجالات مثل : ريادة الأعمال ، الإدارة ، الحرف المهنية ، التعليم البديل . وقد تم التطوير لبعض هذه المعاهد و نموذجها التجريبي ولديها محتوى مكتوب

و منهجي ، و تملك برنامجًا تدريبيًا

أو بإمكانها العمل على تأمين ذلك ،

و يمكن تكرار التجربة في مناطق جغرافية جديدة حيث تتوفر الحاجة و بالتأكيد عليها أن تملك آليات للرقابة والمتابعة لضمان الجودة .

2. مطابخ الخير (الإطعام المجاني)

فكرة مطبخ خيري لإطعام الفقراء والمحتاجين يوميًا . تتوفر فيها عناصر الفرنشايز من نموذج عملي ، ودليل تشغيلي ، وفريق تدريبي ، وقابلية عالية للتكرار في المدن أو المخيمات أو القرى ومثال على ذلك مطابخ جمعية " فلوكا "

المنتشرة في ١٤ موقع .

3. برامج غرس القيم الأخلاقية .

مبادرات لتنشئة الأجيال على القيم ، مثل “تزكية جيل”، أو " برنامج مكارم”، التي تقدم محتوى تربويًا مؤسسًا ، ودورات تدريبية للمشرفين ، وتستهدف المدارس والمراكز المجتمعية .

4. برنامج وداد لرعاية الأطفال

مبادرة مبتكرة لعلاج مشكلة العقم

و رعاية الأطفال من خلال الإرضاع الطبيعي ، بحيث يتم تحفيز الأم الحاضنة علاجيا على در الحليب لغرض الإرضاع ليصبح الطفل محرّمًا عليها ويُعامل معاملة الابن وتكون حاضنة له وضمن شروط دقيقة لحماية الطفل والأسرة .

هذا البرنامج يتطلب تدريبًا ، دعمًا طبيًا ، وإشرافًا شرعيًا وطبيًا ، ما يجعله قابلاً للتكرار ضمن شروط واضحة .

الخلاصة :

إن الفرق بين التوسع الذاتي والتوسع بنموذج الفرانشايز في العمل الإنساني، يشبه الفرق بين بناء كل بيت بيدك، وبين تمكين الآخرين من البناء بأدواتك وفكرتك بالاستفادة من التجارب السابقة الناجحة وما تم الاستثمار فيها مسبقا ليُعاد استخدامها في ادارات وامكانيات الآخرين ، مما يوفر الوقت ، والجهد ، والتكاليف ، ويحقق أثرًا أوسع ، ومن هنا “ أدعوك ، كعامل في الميدان الإنساني ، أن تسأل نفسك :

هل يمكن لما أقوم به اليوم أن يُصبح نموذجًا قابلًا للتكرار ؟

وهل أملك ما يلزم لبناء فرنشايز للخير؟”

وختامًا ، أرى أن كل مبادرة مجتمعية ناجحة تستحق أن تُمنح فرصة ثانية لا عبر التوسع الذاتي فقط ، بل عبر التحوّل إلى نموذج فرنشايز للخير ، يعيد إنتاج النجاح بجهود الآخرين ، ويجعل من العمل الإنساني علمًا يُدرّس ، وخبرة تُكرر ، وأثرًا يتسع .

زياد ريس

٢٤/٤/٢٠٢٥

Previous
Previous

تمويل العمل الخيري بين الواقع والممكن

Next
Next

مفاهيم في عمل المجتمع المدني